شيخ الإسلام مصطفى صبرى و الجهر بالحق
قال الشيخ مصطفى صبرى "آخر شيوخ الإسلام فى الدولة العثمانية"
من كتابه النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة..
والمُتديِّنون من المسلمين أصلحُهم سَجين في بيت عُزلتِه وعبادته وراحته حتى تخرجه يدٌ أبادت إخوته قبله، وهو قاصر عن إغاثتهم وإعانتهم، فكأن الغافل في سِلمه والجاهل في عِلمه يتمثَّل بأحاديث الفتن التي عدَّ فيها القاعد خيرًا من القائم، وهيهات، فذلك لا يُنجيه من مسؤوليته بين يدي الله -تعالى- على تهاونه في واجبه وتوانيه، فإن ما ذُكِر في تلك الأحاديث مقصور على الآونة والبيئات التي يلتبس فيها الحق بالباطل، ولا يُميَّز ذوو أحدهما مِن ذوي الآخر، فعند ذلك يصير الاعتزال من الجميع أسلم من الخطأ وألح.
أما إذا تعارض الحق الصريح والباطل البيِّن، اختصمت الديانة واللا دينيَّة العريانة، أو الكاسية العارية، وجرى التحارب والتصادم بينها، فالذي يضرب صفحًا عن النصرة لدين الله فلا يُعذَر - قطعًا - يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، هذا حال خواصِّ المؤمنين أجمعين إلا مَن ندر منهم من المجاهدين المنتبهين لواجبهم، وفضلاً عمَّن شايع اللا دينيِّين ووقف بجانبهم، يُحارب معهم الدين وأهله ويُشادُّهما، وأما حال عوام المؤمنين فحياد يلزمهم الرقاد، أو ضلال يرجح بهم الباطل على الحق، والأعداء على الأولياء، أو معذرة كمعذرة الباخلين، وهمَّة في أسفل سافلين
وقد اطَّلعت عندما لُذْتُ بالعالم الإسلامي في خارج تركيا لأفرَّ بديني وحياتي مِن بُغاتها إليهم، وأستعين بهم في جهادي في الذي جرى منذ ست عشرة سنة ضدَّ الذين لا يألون جهدًا في استئصال الدين الإسلامي وأهليه في بلادنا، وربما يتخذها المسلمون المقيمون في غير بلادهم قدوة لهم في أفعالهم، وقد فازوا باستئصال الدول الإسلامية . على أحوال عجيبة كادت توئسنى اجتناء النصر، وتجعلني كالمستجير بعمرو، فرأيت علماء الدين وحلماء بلادهم يَخافون أن يَجهروا ببعض الحق، لا خوفًا من سلطان جائر أو حكومة قاتلة وشانقة، بل إحجامًا منهم أمام الجريان الفِكري الذي حصل في العامة، وقد نصحَني كثير بإخفاء ما أدين به مِن بغضاء الكماليِّين، أعداء دين الإسلام، الذين يُحاربون أحكامه ويَجتهدون في إبعاده عن ساحتهم، أرادوا بنصحهم ذاك صيانتي عن الأذى، وما دروا أني لو أسكتني مثل ذلك السبب عن الحق، فلماذا وقع هذا الاغتراب مِن أوطاننا، والاضطراب في حياتنا ومعيشتنا؟ وكيف يجوز لنا إهدار الشدائد التي مضتْ علينا في هذه السبيل مما نرضاه مِن وضع سلاحنا في آخِر الأمر والعمر؛ لأسباب اقتحمتنا ما هو أعظم منها وأكثر؟
وهل وظائف العلماء والعقلاء مماشاة الجُهال في مذاهبِهم وعقائدهم، أو إرشادهم إلى ما لا يَهتدون له بأنفسهم، ويا للأسف؛ إن كان يأتيني الأذى مِن المسلمين عندما أُجاهر بالسعي لدفع الأذى عن الدِّين، إذًا فالحياة ذميمة، والداء عياء؛ حيث إن الطبيب يتبع سقيمه، ولا يبلغ من الدين الإسلامي أعداؤه القديمة الظاهرة ما يبلغ منه أعداؤه السرِّية الجديدة، وأصدقاؤه الحمقاء أو الجبناء.
من كتابه النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة..
والمُتديِّنون من المسلمين أصلحُهم سَجين في بيت عُزلتِه وعبادته وراحته حتى تخرجه يدٌ أبادت إخوته قبله، وهو قاصر عن إغاثتهم وإعانتهم، فكأن الغافل في سِلمه والجاهل في عِلمه يتمثَّل بأحاديث الفتن التي عدَّ فيها القاعد خيرًا من القائم، وهيهات، فذلك لا يُنجيه من مسؤوليته بين يدي الله -تعالى- على تهاونه في واجبه وتوانيه، فإن ما ذُكِر في تلك الأحاديث مقصور على الآونة والبيئات التي يلتبس فيها الحق بالباطل، ولا يُميَّز ذوو أحدهما مِن ذوي الآخر، فعند ذلك يصير الاعتزال من الجميع أسلم من الخطأ وألح.
أما إذا تعارض الحق الصريح والباطل البيِّن، اختصمت الديانة واللا دينيَّة العريانة، أو الكاسية العارية، وجرى التحارب والتصادم بينها، فالذي يضرب صفحًا عن النصرة لدين الله فلا يُعذَر - قطعًا - يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، هذا حال خواصِّ المؤمنين أجمعين إلا مَن ندر منهم من المجاهدين المنتبهين لواجبهم، وفضلاً عمَّن شايع اللا دينيِّين ووقف بجانبهم، يُحارب معهم الدين وأهله ويُشادُّهما، وأما حال عوام المؤمنين فحياد يلزمهم الرقاد، أو ضلال يرجح بهم الباطل على الحق، والأعداء على الأولياء، أو معذرة كمعذرة الباخلين، وهمَّة في أسفل سافلين
وقد اطَّلعت عندما لُذْتُ بالعالم الإسلامي في خارج تركيا لأفرَّ بديني وحياتي مِن بُغاتها إليهم، وأستعين بهم في جهادي في الذي جرى منذ ست عشرة سنة ضدَّ الذين لا يألون جهدًا في استئصال الدين الإسلامي وأهليه في بلادنا، وربما يتخذها المسلمون المقيمون في غير بلادهم قدوة لهم في أفعالهم، وقد فازوا باستئصال الدول الإسلامية . على أحوال عجيبة كادت توئسنى اجتناء النصر، وتجعلني كالمستجير بعمرو، فرأيت علماء الدين وحلماء بلادهم يَخافون أن يَجهروا ببعض الحق، لا خوفًا من سلطان جائر أو حكومة قاتلة وشانقة، بل إحجامًا منهم أمام الجريان الفِكري الذي حصل في العامة، وقد نصحَني كثير بإخفاء ما أدين به مِن بغضاء الكماليِّين، أعداء دين الإسلام، الذين يُحاربون أحكامه ويَجتهدون في إبعاده عن ساحتهم، أرادوا بنصحهم ذاك صيانتي عن الأذى، وما دروا أني لو أسكتني مثل ذلك السبب عن الحق، فلماذا وقع هذا الاغتراب مِن أوطاننا، والاضطراب في حياتنا ومعيشتنا؟ وكيف يجوز لنا إهدار الشدائد التي مضتْ علينا في هذه السبيل مما نرضاه مِن وضع سلاحنا في آخِر الأمر والعمر؛ لأسباب اقتحمتنا ما هو أعظم منها وأكثر؟
وهل وظائف العلماء والعقلاء مماشاة الجُهال في مذاهبِهم وعقائدهم، أو إرشادهم إلى ما لا يَهتدون له بأنفسهم، ويا للأسف؛ إن كان يأتيني الأذى مِن المسلمين عندما أُجاهر بالسعي لدفع الأذى عن الدِّين، إذًا فالحياة ذميمة، والداء عياء؛ حيث إن الطبيب يتبع سقيمه، ولا يبلغ من الدين الإسلامي أعداؤه القديمة الظاهرة ما يبلغ منه أعداؤه السرِّية الجديدة، وأصدقاؤه الحمقاء أو الجبناء.
تعليقات
إرسال تعليق