مختارات من كلمات التاج السبكي فى كتابه معيد النعيم و مبيد النقم
قال رحمه الله
المثال الخامس
السلطان أعني الإِمام الأعظم. وقد أكثر الفقهاء في باب الإِمامة، وأفردَ كثيرون منهم الأحكام السلطانية بالتنصيص. ونحن ننبِّه على مهمات أهملها الملوك أو قصَّروا فيها. فمن وظائف السلطان تجنيد الجنود، وإقامة فَرْض الجهاد لإِعلاء كلمة اللَّه تعالى؛ فإن اللَّه تعالى لم يولِّه على المسلمين ليكون رئيسًا آكلًا شاربًا مستريحًا. بل لينصر الدين ويُعلِيَ الكلمة. فمن حقِّه ألَّا يدع الكفار يكفرون أنعُم اللَّه ولا يؤمنون باللَّه ولا برسوله. فإذا رأينا ملكًا تقاعد عن هذا الأمر، وأخذ يظلم المسلمين، ويأكل أموالهم بغير حق، ثم سلبه اللَّه نعمته وجاء يعتب الزمان، ويشكو الدهر، أفليس هو الظالم، وقد كان يمكنه بدل أخذ أموال المسلمين وظلمهم أن يقيم جماعة في البحر يتلصصون أهل الحرب؛ فإن كان هذا الملك شجاعًا ناهضًا فليرنا همته في أعداء اللَّه الكفار، ويجاهدهم ويتلصّصهم، ويُعمل الحيلة في أخذ أموالهم حِلًّا وبِلًّا ويدع عنه أذيّة المسلمين.
و أكمل تاج الدين السبكي قائلا
ومن وظائفه أن ينظر في الإِقطاعات، ويضعها مواضعها، ويستخدم من ينفع المسلمين، ويحمي حوزة الدين، ويكفّ أيدي المعتدين. فإن فَرَّق الإِقطاعات على مماليك اصطفاها وزيّنها بأنواع الملابس، والزراكش المحرَّمة، وافتخرَ بركوبها بين يديه، وترك الذين ينفعون الإِسلام جياعًا في بيوتهم، ثم سلبه اللَّه النعمة، وأخذ يبكي ويقول: ما بالُ نعمتي زالت، وأيامي قصرت! فيقال له: يا أحمق، أما علمت السبب! أَوَلست الجاني على نفسك!
......................
...............................
و فى كلامه عن العلماء قال السبكي
ومنهم من يضيع كثيرًا من وقته في طلب القضاء وغيره من المناصب فإن كان مراده القوت فالقوت يجيء بدون ذلك، وإن كان مراده الدنيا فقد كان في اشتغاله بصنعة الأجناد والدواوين وغيرهم من العامَّة ما لعلَّه أنجح في مقصده؛ فإن الدنيا في أيدي أولئك أكثر ومن هذه الطائفة من يقول: أكرِهت على القضاء: وأنا لم أرَ إلى الآنَ من أكره على القضاء الإكراه الحقيقي. وقد ضُرب جماعة من السلف على أن يلوا القضاء فأبوا، وسُمْر باب أبي عليّ بن خيران مدة. وما ذاك إلَّا لأنهم يخشون ألَّا يقيموا فيه الحقّ لفساد الزمان، وإلَّا فالقضاء إذا أمكن فيه نصر الحق من أعظم القربات؛ ولكن أين نصر الحقّ وهم لا يدخلون فيه إلّا بالسعي، وربَّما بذلوا عليه الذهب! ومذْهب كثير من العلماء أنَّ من يبذل الذهب على القضاء لا تصح أحكامه. ولا يخفى أنه إذا فسّق لم يكن نافذ الأحكام. وكأني بأحمق من الفقهاء، يقول: تَعَيَّن عليّ طلبُ القضاء، وأنا لا يخفى عليّ ما قاله الفقهاء فيمن تعيَّن عليه، ولكن من ذا الذين تعيَّن عليه؟ فقائل هذا الكلام إمَّا ممَّن لبّست عليه نفسُه، واستزَلَّه الشيطان من حيث لا يدري، أو ممَّن يريد التلبيس على الناس، فهو إبليسُ من الأبالسة، نعوذُ باللَّه منه؛ وما فعلت هذه الطائفة ولا كان ثمرة علمها إلَّا أن جعلت العلم حُطَام الدنيا، ثم أخذت تُداجي في دين اللَّه تعالى، وتلبِّس على الخلق، وتأكلُ الدنيا بالدين، فقبَّحها اللَّه تعالى من طائفة
...........................
.........................................
و قال
فمن خطر له أنَّه إن لم يسفك الدماء بغير حق، ويضرب المسلمين بلا ذنب لم تصلح أيّامه فعرِّفه أنَّه جهول باغٍ أحمق حمار، دولته قريبة الزوال، ومصيبته سريعة الوقوع، وهو شقِيٌّ في الدنيا والآخرة. وإذا أخذه اللَّه لم يُفلته، قال اللَّه تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} أخبر عزَّ وعلا أنَّا إن لم نحكِّم هذا النَّبيّ العظيم ثم إذا حَكَمَ لم نجد في أنفسنا حرجًا وضِيقًا وقَلَقًا من حكمه بل نطمئنُّ له ونسلِّم، وننقاذ ونذعن. وإلَّا فنحنُ غير مؤمنين، فكفى بهذه الآية واعظًا وزاجرًا لمن وفَّقه اللَّه تعالى. فإن قال حمار من هؤلاء: أنا من أين أعرف هذا وأنا عامّيّ تركيّ لا أعرف كتابًا ولا سنَّة؟ قلنا له: هذا لا ينفعك عند اللَّه تعالى شيئًا؛ ألم يجعل اللَّه لك عينين، ولسانًا وشفتين، وهداكَ النجدين. إذا كنت لا تعرف فاسأل أهل الذكر؛ فإن هذا شأن من لا يعلم؛ وإلَّا فأنت تأتي يوم القيامة وغرماؤك الذين ضربتهم وعاقبتهم يجرُّونك في الحبال وأنت تسحب على وجهك، ولا ينفعك هناك شيء من هذه الأقاويل. وإن عجزت عن الفهم فما لكَ وللدخول في هذه الوظيفة؟! دعها.
إذا لم تستطع أمرًا فدعهُ ... وجاوزهُ إلى ما تستطيع
.................
...........................
و قال
المثال الثامن بعد المائة
حارس الدَرْب: وحقٌّ عليه أن ينصح لأهل الدرب، ويُسهر عينه إذا ناموا، ينبِّه النوام إذا اغتيلوا بحريق أو غيره، ولا يدل على عوراتهم واليًا ولا غيره. .
المثال الخامس
السلطان أعني الإِمام الأعظم. وقد أكثر الفقهاء في باب الإِمامة، وأفردَ كثيرون منهم الأحكام السلطانية بالتنصيص. ونحن ننبِّه على مهمات أهملها الملوك أو قصَّروا فيها. فمن وظائف السلطان تجنيد الجنود، وإقامة فَرْض الجهاد لإِعلاء كلمة اللَّه تعالى؛ فإن اللَّه تعالى لم يولِّه على المسلمين ليكون رئيسًا آكلًا شاربًا مستريحًا. بل لينصر الدين ويُعلِيَ الكلمة. فمن حقِّه ألَّا يدع الكفار يكفرون أنعُم اللَّه ولا يؤمنون باللَّه ولا برسوله. فإذا رأينا ملكًا تقاعد عن هذا الأمر، وأخذ يظلم المسلمين، ويأكل أموالهم بغير حق، ثم سلبه اللَّه نعمته وجاء يعتب الزمان، ويشكو الدهر، أفليس هو الظالم، وقد كان يمكنه بدل أخذ أموال المسلمين وظلمهم أن يقيم جماعة في البحر يتلصصون أهل الحرب؛ فإن كان هذا الملك شجاعًا ناهضًا فليرنا همته في أعداء اللَّه الكفار، ويجاهدهم ويتلصّصهم، ويُعمل الحيلة في أخذ أموالهم حِلًّا وبِلًّا ويدع عنه أذيّة المسلمين.
و أكمل تاج الدين السبكي قائلا
ومن وظائفه أن ينظر في الإِقطاعات، ويضعها مواضعها، ويستخدم من ينفع المسلمين، ويحمي حوزة الدين، ويكفّ أيدي المعتدين. فإن فَرَّق الإِقطاعات على مماليك اصطفاها وزيّنها بأنواع الملابس، والزراكش المحرَّمة، وافتخرَ بركوبها بين يديه، وترك الذين ينفعون الإِسلام جياعًا في بيوتهم، ثم سلبه اللَّه النعمة، وأخذ يبكي ويقول: ما بالُ نعمتي زالت، وأيامي قصرت! فيقال له: يا أحمق، أما علمت السبب! أَوَلست الجاني على نفسك!
......................
...............................
و فى كلامه عن العلماء قال السبكي
ومنهم من يضيع كثيرًا من وقته في طلب القضاء وغيره من المناصب فإن كان مراده القوت فالقوت يجيء بدون ذلك، وإن كان مراده الدنيا فقد كان في اشتغاله بصنعة الأجناد والدواوين وغيرهم من العامَّة ما لعلَّه أنجح في مقصده؛ فإن الدنيا في أيدي أولئك أكثر ومن هذه الطائفة من يقول: أكرِهت على القضاء: وأنا لم أرَ إلى الآنَ من أكره على القضاء الإكراه الحقيقي. وقد ضُرب جماعة من السلف على أن يلوا القضاء فأبوا، وسُمْر باب أبي عليّ بن خيران مدة. وما ذاك إلَّا لأنهم يخشون ألَّا يقيموا فيه الحقّ لفساد الزمان، وإلَّا فالقضاء إذا أمكن فيه نصر الحق من أعظم القربات؛ ولكن أين نصر الحقّ وهم لا يدخلون فيه إلّا بالسعي، وربَّما بذلوا عليه الذهب! ومذْهب كثير من العلماء أنَّ من يبذل الذهب على القضاء لا تصح أحكامه. ولا يخفى أنه إذا فسّق لم يكن نافذ الأحكام. وكأني بأحمق من الفقهاء، يقول: تَعَيَّن عليّ طلبُ القضاء، وأنا لا يخفى عليّ ما قاله الفقهاء فيمن تعيَّن عليه، ولكن من ذا الذين تعيَّن عليه؟ فقائل هذا الكلام إمَّا ممَّن لبّست عليه نفسُه، واستزَلَّه الشيطان من حيث لا يدري، أو ممَّن يريد التلبيس على الناس، فهو إبليسُ من الأبالسة، نعوذُ باللَّه منه؛ وما فعلت هذه الطائفة ولا كان ثمرة علمها إلَّا أن جعلت العلم حُطَام الدنيا، ثم أخذت تُداجي في دين اللَّه تعالى، وتلبِّس على الخلق، وتأكلُ الدنيا بالدين، فقبَّحها اللَّه تعالى من طائفة
...........................
.........................................
و قال
فمن خطر له أنَّه إن لم يسفك الدماء بغير حق، ويضرب المسلمين بلا ذنب لم تصلح أيّامه فعرِّفه أنَّه جهول باغٍ أحمق حمار، دولته قريبة الزوال، ومصيبته سريعة الوقوع، وهو شقِيٌّ في الدنيا والآخرة. وإذا أخذه اللَّه لم يُفلته، قال اللَّه تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} أخبر عزَّ وعلا أنَّا إن لم نحكِّم هذا النَّبيّ العظيم ثم إذا حَكَمَ لم نجد في أنفسنا حرجًا وضِيقًا وقَلَقًا من حكمه بل نطمئنُّ له ونسلِّم، وننقاذ ونذعن. وإلَّا فنحنُ غير مؤمنين، فكفى بهذه الآية واعظًا وزاجرًا لمن وفَّقه اللَّه تعالى. فإن قال حمار من هؤلاء: أنا من أين أعرف هذا وأنا عامّيّ تركيّ لا أعرف كتابًا ولا سنَّة؟ قلنا له: هذا لا ينفعك عند اللَّه تعالى شيئًا؛ ألم يجعل اللَّه لك عينين، ولسانًا وشفتين، وهداكَ النجدين. إذا كنت لا تعرف فاسأل أهل الذكر؛ فإن هذا شأن من لا يعلم؛ وإلَّا فأنت تأتي يوم القيامة وغرماؤك الذين ضربتهم وعاقبتهم يجرُّونك في الحبال وأنت تسحب على وجهك، ولا ينفعك هناك شيء من هذه الأقاويل. وإن عجزت عن الفهم فما لكَ وللدخول في هذه الوظيفة؟! دعها.
إذا لم تستطع أمرًا فدعهُ ... وجاوزهُ إلى ما تستطيع
.................
...........................
و قال
المثال الثامن بعد المائة
حارس الدَرْب: وحقٌّ عليه أن ينصح لأهل الدرب، ويُسهر عينه إذا ناموا، ينبِّه النوام إذا اغتيلوا بحريق أو غيره، ولا يدل على عوراتهم واليًا ولا غيره. .
تعليقات
إرسال تعليق