عاقبة أحد محاربى الحجاب

""""حكى الأديب المنفلوطى  "المتوفى 1924 م"نقاشا بينه و بين صديق له
النقاش طويل و فيه أن صديقه سافر أوروبا و رجع مفتونا بهم و يريد خلع البرقع عن كل النساء و حاول مع زوجته فرفضت و دار بينهما نقاش طويل و فيه يريد خلاعات أخرى و الاختلاط و انتهى بأن اعتزله المنفلوطى رحمه الله
أنسخ لكم هنا نهاية القصة من كتاب عودة الحجاب للشيخ المقدم نقلا عن كتاب العبرات للأستاذ مصطفى لطفى المنفلوطى"""
قال المنفلوطى
وما هي إلا أيام قلائل حتى سمعت الناس يتحدثون أن فلاناً هتك الستر في منزله بين نسائه و رجاله و أن بيته أصبح مغشياً لا تزال النعال خافقة ببابه فذرفت عيني دمعة لا اعلم هل هي دمعة الغيرة على العرض المزال أو الحزن على الصديق المفقود .
مرت على تلك الحادثة ثلاثة أعوام لا أزوره ولا يزورني و لا ألقاه في طريقه إلا قليلاً فأحييه تحية الغريب للغريب من حيث لا يجري لما كان بيننا ذكر ثم أنطلق في سبيلي .
وإني لعائد إلى منزلي ليلة أمس - و قد مضى الشطر الأول من الليل - إذ رأيته خارجاً من منزله يمشي مشية الذاهل الحائر و بجانبه جندي من جنود الشرطة كأنما هو يحرسه أو يقتاده فأهمني أمره ودنوت منه فسألته عن شأنه فقال :
" لا علم لي بشيء سوى أن هذا الجندي قد طرق الساعة بابي يدعوني إلى مخفر الشرطة ولا أعلم لمثل هذه الدعوة في مثل هذه الساعة سبباً وما أنا بالرجل المذنب ولا المريب فهل أستطيع أن أرجوك يا صديقي بعد الذي كان بيني وبينك أن تصحبني الليلة في وجهي علني أحتاج بعض المعونة فيما قد يعرض لي هناك من الشئون ؟ "
قلت : " لا أحب إلي من ذلك " ومشيت معه صامتاً لا أحدثه ولا يقول لي شيئاً ثم شعرت كأنه يزور في نفسه كلاماً يريد أن يفضي به إلي فيمنعه الخجل والحياء ففاتحته الحديث وقلت له : " ألا تستطيع أن تذكر لهذه الدعوة سبباً ؟ " فنظر إلي نظرة حائرة
وقال : " إن أخوف ما أخافه أن يكون قد حدث لزوجتي الليلة حادث فقد رابني من أمرها أنها لم تعد إلى المنزل حتى الساعة وما كان ذلك شأنها من قبل "
قلت : " أما كان يصحبها أحد ؟ " قال : " لا "
قلت : " ألا تعلم المكان الذي ذهبت إليه ؟ " قال : " لا "
قلت : " ومم تخاف عليها ؟ " قال : " لا أخاف شيئاً سوى أني أعلم أنها امرأة غيور حمقاء فلعل بعض الناس حاول العبث في طريقها فشرست عليه فوقعت بينهما واقعة انتهى أمرها إلى مخفر الشرطة "
وكنا وصلنا إلى المخفر فاقتادنا الجندي إلى قاعة المأمور فوقفنا بين يديه فأشار إلى جندي أمامه إشارة لم نفهمها ثم استدنى الفتى إليه وقال له :
" يسوءني أن أقول لك يا سيدي إن رجال الشرطة قد عثروا الليلة في مكان من أمكنة الريبة برجل و امرأة في حال غير صالحة فاقتادوهما إلى المخفر فزعمت المرأة أن لها بك صلة فدعوناك لتكشف لنا الحقيقة في أمرها فإن كانت صادقة أذنا لها بالانصراف معك إكراماً لك و إبقاءً على شرفك و إلا فهي امرأة عاهرة لا نجاة لها من عقاب الفاجرات و ها هما وراءك فانظرهما " و كان الجندي قد جاء بهما من غرفة أخرى فالتفت وراءه فإذا المرأة زوجته و إذا الرجل أحد أصدقائه فصرخ صرخة رجفت لها جوانب المخفر وملأت نوافذه و أبوابه عيوناً و آذاناً ثم سقط مكانه مغشياً عليه فأشرت على المأمور أن يرسل المرأة إلى منزل أبيها ففعل و أطلق سبيل صاحبها ثم حملنا الفتى في مركبة إلى منزله "
ثم ذكر السيد المنفلوطي رحمه الله و حاصلها أن الفتى مات كمداً و حسرة من هذه الفضيحة التي اختتم بها حياته ...

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قول دستور عند الاستئذان

الضفدع و نار إبراهيم

كلمات من ذهب للشيخ عطية الله الليبى رحمه الله