التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كلمات من ذهب للشيخ عطية الله الليبى رحمه الله

مقتطفات من لقاء الشيخ عطية الله مع منتدى الحسبة

مقدمة الناشر:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه
وبعد:
فمن حق المكتبة العلمية الجهادية علينا أن نثريها بكل جديد مفيد يساعد على انضباط المنهج وإحكامه، ويعين شباب الأمة على التفقه في دينها، وضبط منهجها الصحيح، خاصة إذا كان الكاتب رجلاً عرف عنه سلامة المنهج واعتدال الطريقة.
اليوم أيها الأحبة نقدم لكم مقتطفات من لقاء منتديات شبكة الحسبة مع الشيخ الفاضل المجاهد عطية الله الليبي والذي أجري ما بين شهري جمادى الأولى وشعبان من سنة 1427هـ تحت عنوان: المسيرة الجهادية المعاصرة.
كان اللقاء متنوع المحاور اشتمل على أحاديث حول التجربة الجهادية الجزائرية التي خاضها الشيخ وله معرفة خاصة بها، والكلام حول رؤيته لأحوال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وحول الجهاد في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال ودارفور وغيرها، ومسائل في باب العلم والعلماء، ومسائل شرعية متفرقة تمسّ حاجة المجاهدين وعموم المسلمين إلى الوقوف عليها.
اقتطفنا من هذا اللقاء بعض كلام شيخنا عطية الله، مما نراه مهماً لشباب الحركة الجهادية الذين أقبلوا على الجهاد نصرة لدين الله بأنفسهم وأموالهم وألسنتهم وأقلامهم، وقد وضعنا لكل مقطع من هذه المقاطع عنواناً مناسباً.
والهدف من هذه المقتطفات ونشرها أمران:
الأول: هو إبراز القدوة لشباب الحركة الجهادية للتأسي بأمثال هؤلاء المشايخ، وهو إبراز لا يخالف وجوب اتباع الكتاب والسنة بل هو مندرج تحته، لأن النفس ترغب بالشيء إذا رأت من يشتهر ويُعرف به من الفضلاء، ويكون ذلك داعياً لها للانقياد للحق والارعواء عن ضده.
الثاني: الردّ على مخالفي الحركة الجهادية، المتهمين لها بالتشدد والغلو أو الجهل، ليروا كلام مشايخها والمحترمين والمتبوعين فيها، ويروا كيف أن آراءهم متقيّدة بضوابط الشرع لم يخرجوا بشيء من كلامهم عن مقتضى أصول العلم، أصابوا أو أخطؤوا فيما هو من موارد الاجتهاد، ولا عصمة إلا للوحيين.
هذا ونسأل الله عز وجل أن ينفعنا وإخواننا بما فيها، وأن يحلّينا بالعلم النافع والعمل الصالح، وأن يرزقنا حسن المتابعة للكتاب والسنة، وأن يحفظ مشايخنا في السر والعلن ويوفقنا وإياهم وكل مَن ساهم في إخراج هذا العملِ، لما يحبه ويرضاه، ويعفوَ عنا وعنهم أجمعين.
إخوانكم في الجبهة الإعلامية الإسلامية العالمية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
الحركة الجهادية حركة ناضجة بحمد الله
“والحركة الإسلامية الجهادية المعاصرة صارت بحمد الله أكثر نضجاً واعتدالاً وكمالاً، وصار لها رصيد وتجربة جيدّة ومفيدة، وتراكمت عندها خبرات علمية وعملية وتاريخية، وقدمت شهداء، ونماذج طيبة وقدوات، وكل ذلك بإذن الله تعالى مؤشر خير وعلامة نجاح.. ومن السلبيات: شيء من القسوة والعنف الزائد أحياناً في الحركة الجهادية، ولاسيما مع المخالفين وظهور أخلاقيات ليست جيّدة بسبب العداوات أحياناً، وبسبب طبيعة وشراسة المعركة، أعني أيضاً مرة أخرى في بعض الأماكن وبعض الأزمنة وإلا فالعموم والمجموع معتدل وطيب.. ومنها: ما نعانيه من سوء العلاقة مع طائفة من العلماء.. وهذا عند التحقيق لا يرجع اللوم فيه إلى المجاهدين وحدهم، بل حظهم منه هو الأقل، وإنما هو من أهل العلم بدرجة أكبر.. ولكن هذا لا ينفي أن الحركة الجهادية هي في الجملة حركة صالحة وخيّرة وهي بركة على الأمة، وهي المرجو لها أن تكون الطائفة المنصورة في هذه الأزمان، وأفرادها من خيار المؤمنين، وهم أفضل من طائفة العلماء تفضيل الجملة على الجملة، وهذا ليس فيه عندنا إشكال، ففضائلهم في الكتاب والسنة لا يعدلها شيء ولا يماري في هذا عالم”
الخطاب الجهادي.. ماذا يحتاج؟
“يحتاج كثير من المجاهدين إلى تصحيح وترشيد في خطابهم وفي تعاملهم مع المخالفين ومع طوائف مخصوصة من الناس أكثر من غيرهم، وإلى تحرير مسائل معينة بشكل أعمق وأكمل، وفي التركيز والاهتمام والأولويات وغيرها… التعامل مع المخالفة مخالفاً وإنكاراً ونصحاً ورفقاً أو عنفاً، وشدة أو ليناً، وتيسيراً لا تعسيراً، وتبشيراً لا تنفيراً، وتواضعاً في غير ضعف مذموم، وعدلاً وإنصافاً في أقل الأحوال، وفضلاً وتكرماً وإحساناً في أعلاها، وبالحكمة عموماً، هذا فقه كبير وباب من أبواب العلم مهم لكل إنسان بلهَ المجاهدين في سبيل الله الحاملين راية الدين الحامين للحمى الحارسين للعقيدة… فهم أحوج الناس إلى هذا العلم والفقه.. ولا بأس أن تعطى فيه دورات خاصة لكل المجاهدين في معسكرات التدريب، كما يتدرب المجاهد على الكلاشنكوف والمتفجرات”
الكلام عن جماعة الإخوان المسلمين
“والإخوان المسلمون جماعة كبيرة ينتمي إليها ينتمي إليها طوائف متعددة من الناس، فيهم الصالح وفيهم دون ذلك، وفيهم اختلاف كثير، وطبيعة الجماعة تستوعب ذلك، ولاسيما في العقود الماضية.. والكلام في الجماعة كجماعة شيء، وفي أفرادها وآحاد المنتمين إليها شيء آخر، وإنما نقوّم الإنسان بما عنده من الخير والصلاح والتقوى والعلم النافع والعمل الصالح، وكونه ينتمي للجماعة الفلانية أو العلانية، فهذا من جزئيات العمل التي ينظر فيها هل هي من عمله الصالح أو مما أخطأ فيه؟ فإن كان من عمله الصالح ازداد بها صلاحاً، وإن كان خطأ سلكنا فيه مسلكنا في التعامل مع أخطاء المسلمين عموماً والفضلاء خصوصاً”
هل يصح وصف حماس بأوصاف الردة وتخوينها
“أما هل يجوز شرعاً تخوين حماس، ووصفها بأوصاف الردة.. إلخ؟ فلا.. لا يجوز أن يوصفوا بالردة أو يرموا بالكفر.. بل هذا خطأ ننبه شبابنا في كل مكان أن يحذروا منه ولا يتسرعوا في الحكم على أحد بكفر، في مثل هذه المسائل التي يقع فيها الخطأ والتأويل، وإن كان الخطأ كبيراً، إلا أن يجيء من ذلك أمر لا مرد له، ولا يمكن معه عذر.. أما التخوين، أي وصفهم بالخيانة فلا نراه أيضاً بل الذي نظنه فيهم أو بعبارة أدقّ في كثير منهم من قياداتهم ومشايخهم الفضلاء أنهم يريدون الخير ساعون في نصر الدين متمسكون به بحسب استطاعتهم ليسوا بحمد الله خونة ولا ما قارب ذلك حاش لله ومعاذ الله.. ومع ذلك لو أطلق بعض الناس عبارة التخوين في معرض التنفير من فعلهم الخاطئ والتشديد في إنكاره والتغليظ فيه، كأن يقول لهم: خنتم قضية المسلمين، وخنتم أمانة الله بالجهاد فهذا قد يكون له مساغ في الإنكار والأمر والنهي، إذا كان صادراً عن إخلاص ونصح من قائلة وغيرة للدين وحميّة له، وبالعدل لا بزيادة على الحد ولا ظلم أما إن خلا من تلك الشروط فهو على صاحبه لا له”
هل نقول حكومة حماس طاغوتٌ..؟!:
“لا نقول إن حركة حماس أو حتى حكومة حماس صارت طاغوتاً، لأنهم مسلمون متأولون الخير، أخطأوا”.
توجيه لشباب الحركة الجهادية في موضوع التكفير
“ومسألة التكفير عموماً من أكثر وأشد المسائل التي ننبه عليها دائماً، ونحذر الشاب الجهادي من خطرها، ونقول لهم: أتركوها لعلمائكم الموثوقين، ولا تسمحوا لأي أحد ممن هبّ ودبّ أن يخوض فيها فإنها خطر عظيم ومزلة يخشاها العلماء الكبار الأئمة ويترددون في الكثير من صورها الواقعية، ويطلبون دائماً سبيل السلامة، ويقولون: لا نعدل بالسلامة شيئاً!
والشاب من شبابنا العامي في العلم يكفيه الإيمان الإجمالي بالله تعالى، وبما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، والكفر الإجمالي بالطاغوت، وأما التفاصيل ومنها الحكم على فلان وعلى الجماعة الفلانية هل كفروا أو لا؟ هل خرجوا من الملة بفعلهم كذا أو لا؟ وما شابه ذلك من فروع.. فهي بحسب العلم، لأن هذه مسائل فتوى وقضاء وأحكام شرعية، فما لا يعلمه فليقل لا أعلمه ولا أدري، وهذا لا يضره في دينه وإيمانه بل هو صريح الإيمان.
والجاهل ليس له أن يتكلم في هذه المسائل ولا يصدر فيها أحكاماً ولا يتبنى فيها قولاً، إلا على سبيل التبعية والتقليد للعلماء، بل يقول لا أدري واسألوا العلماء، فإن تكلم العلماء بعد ذلك فله أن يقلد أو يتبع من يثق فيه من أهل العلم المعروفين بالعلم”
العمل داخل البلاد العربية
“أنا ممن كان رأيهم ابتداء أن لو لم يصطدم الإخوة بالحكومة السعودية، وأن لو أمكن تحييد هذه الحكومة المنافقة والسكوت عليها والصبر على شرها وتفاديها ما أمكن، لفوائد وأسباب لا تخفى، ولعدم تهيؤ الظروف اجتماعياً، لكن لا شك أن هذا كان صعباً جداً، ولا يمكن أن نلوم الإخوة في الاصطدام معها، وما حدث هو إن شاء الله خير، وفيه حكم بالغة والحمد لله رب العالمين”
أسباب الفشل في بداية الحركة الجهادية الجزائرية (تجربة الجماعة الإسلامية المسلحة)
“فأهم أسباب الفشل ما يلي:
1- ضعف وخلخلة المنظومة الفكرية والمنهجية الجهادية في تلك الفترة في الجزائر، وهذا الضعف يظهر في عدة صور مثل: الفوضى الفكرية والعلمية، ونقص في (المرجعية) أو القيادة العلمية، وقلة الكادر العلمي الجهادي المؤهل، وتباين واختلاف شديد في تصورات وأفهام النافرين للجهاد، فقد جمع الصف الجهادي أنواعاً من المتشددين والمتنطعين، وبعض الغلاة أيضاً في التكفير وغيره، مع المتساهلين إلى درجات مذمومة أحياناً في حين كانت الغالبية طبعاً هم من عوام الناس… وبالجملة كان هناك مسحة من التشدد، بل والتنطع والغلو في الدين في كثير من الكتائب والمناطق.
2- ما سبق أيضاً يتداخل ويترافق مع شيء آخر هو: أزمة الأخلاق.
فكانت تلك الطبقة المشار إليها، وهي الطبقة المؤثرة وصاحبة النفوذ سيئة الأخلاق ولا تمثل الإسلام تمثيلاً حقيقياً مشرفاً؛ العنف والشدة والغلظة في التعامل مع الناس، افتقار في جوانب الرحمة والشفقة على الخلق والعفو عن الزلات، وقلة احترام لذوي الفضل، مع مجموعة من الأمراض القلبية والأخلاقية الأخرى كالعجب والغرور والتعالي.
3- وجماع ذلك كله: أزمة القيادة.
فقد كانت القيادة هي الشر، وهي الفاسدة المفسدة بدل أن تربي الناس على الخير علمتهم الشر وجعلتهم جهالاً ونشرت بينهم الضلالات، وأعني بالقيادة هنا القيادة في عهد جمال زيتوني وأبي عبد الرحمن أمين!
هذه القيادة الجاهلة المتنطعة الضالة قرّبت كل من هو من جنسها من أهل الغرور والجهل والتنطع والكبر والقسوة والتكالب على الدنيا، وأبعدت الصالحين وطعنت فيهم ووضعت عليهم علامات الاستفهام وهمشتهم حتى وصل الحال في مرحلة متقدمة بعد ذلك إلى قتل الكثيرين من أهل الخير بِتُهَم متعددة وسخيفة كثيرٌ منها.
والخلاصة.. سببه عدة عوامل متضافرة مجتمعة من الخلل المنهجي الفكري الثقافي العلمي، إلى الخلل الأخلاقي، إلى الضعف في عدة مناحي والخلافات والرواسب التي وجدت لها مجالاً لتكون محور صراعات، إلى غير ذلك، ويجتمع ذلك كله في أزمة القيادة فإن الفساد والانحراف كان من القيادة بالأساس”
الحكم على مَن نزل من الجبل وسلّم نفسه للحكومة الجزائرية
“وعلى الإخوة أن يحرصوا على التثبت جداً في مثل هذه الأحكام على الناس، ويتحلوا بأعلى درجات الإنصاف والقسط وتحقيق الحق، ورباطة الجأش وقوة القلب، وليحذروا من حظ النفوس ومن تلبيسات الشيطان، ومن غلبة الهوى والحميّة النفسية، وليعلموا أن الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة فهذا أصل صحيح متقرر ولا شك فيه، والسلامة في الدين لا يعدلها شيء، فلا يتسرعوا في الحكم على آحاد هؤلاء بالردة إلا إذا تبيّن بدليل قاطع دليل على ردته كما أشرت إليه، وإلا فيكفينا أن هؤلاء سقطوا وانتهوا [يقصد الذين نزلوا من الجبل في الجزائر] ومن كان فيه خير فإن الله تعالى سيأتي به في يوم من الأيام ومن كان غير ذلك فقد كفانا الله شره”
في مسألة تكفير أعوان الطواغيت من الجند والعسكر
“الناس يمكن أن يختلفوا في هذه الأحكام لكن أن يزعم أحد أن قوله (لا سيما قول من يكفّر الجميع بلا استثناء) أنه هو الحق الذي ليس بعده إلا الضلال وأنه أمر مقطوع به معلوم من الدين بالضرورة وأنه موجب التوحيد الذي هو ضد الشرك والكفر وأن مخالفه لم يحقق التوحيد ولم يفهمه ونحو ذلك.. أقول: إن هذا هو الجهل والضلال حقاً، وهو الشيء غير المقبول ممن صدر منه، فإن هذه المسائل هي بلا شك مسائل اجتهادية مبناها على النظر والاستدلال، فهي من العلم المكتسب بالنظر والاستدلال، وليست كل صورها وفروعها مما هو معلوم من الدين بالضرورة، ولذلك نبهنا من قبل.. على الخطأ الكبير الذي وقع فيه صاحب الجامع في طلب العلم الشريف وهو الشيخ عبد القادر بن عبد العزيز -فرّج الله عنه- حين جعل تكفير من أسماهم بـ “أنصار الطواغيت المرتدين” اليوم حُكماً مُجمعاً عليه إجماعاً قطعياً يكفر مخالفه كحكم أتباع مسيلمة الكذاب الذين أجمع الصحابة على تكفيرهم فإن هذا خطأ فاحش وزلة كبيرة لا بد من استمرار التنبيه عليها والتحذير منها”.
منزلة تكفير أعيان الحكام من المسائل الشرعية
“تكفيرنا لهؤلاء الحكام المرتدين هو مسألة من العلم النظري الاستدلالي، هذا هو الأغلب في تكفير حكّام أهل عصرنا، وليست هي مسألة معلومة من الدين بالضرورة مما وقع عليها إجماع المسلمين (كمن أعلن وصرّح بخروجه من الإسلام والكفر به مثلاً، أو ما في قوته كصورة مسيلمة الكذاب) حتى لا تقبل دعوى مخالف جاهل فيها”.
رتبة مسألة تكفير الأعيان
“مسألة تكفير هؤلاء الحكّام (أعني أعيانهم وأشخاصهم) هي مسألة فتوى وقضاء، مبناها على الاجتهاد، فهي من العلم الذي سبيله النظر والاجتهاد والاستدلال، ولم تصل إلى حد العلم الضروري المقطوع به الذي يكفر المخالف فيه”.
الانشغال بالدعوة والإعداد في زمن الضعف والعجز عن الجهاد
“والذي يبدو لي -والله أعلم- من واقع بلاد المغرب الأقصى أن الأفضل للإخوة الآن أن يركزوا على الدعوة إلى الله تعالى ما أمكن وما أتيحت لهم الفرصة في ذلك، ويشتغلوا بالإعداد بكل معانيه كما قلنا، بحسب ما يقدرون عليه، ولكن عليهم أن يتلطفوا ويستعملوا الحذر والاحتياطات في علاقاتهم وتصرفاتهم وتحركاتهم فإن الأخطاء العملية في الحركة والتدبير وقلة الخبرة وسوء التصرف والإهمال واللامبالاة هي من الآفات الكبيرة التي تهلك العمل وتضر بالمسلمين وتحبط الآمال”.
ترك الاختلاف بين الإخوان
“من المهم جداً ألا يختلف الإخوة اختلافاً مذموماً، وهو الاختلاف الذي ينشأ عنه بغضاء وعداوة بين المؤمنين وتدابر وتهاجر وتقاطع! بل يكونوا عباد الله إخواناً متحابين متوالين متناصرين متعاصمين متناصحين، مهما اختلفوا في الرأي والاجتهاد، فإن اختلاف الناس في الرأي والاختيارات العلمية والعملية المبنية على اختلاف الأفهام والاجتهادات، هذا ليس اختلافاً مذموماً في حد ذاته، ولا يدخل تحت تكليف، ولا يضرّهم ماداموا إخواناً متوالين متحابين ومتناصحين متعاونين على البر والتقوى”.
التعامل مع المخالف لأهل الجهاد في بعض المسائل الشرعية
“ولذلك ننبه دائماً: أن مخالفة من يخالفنا في اختياراتنا الفقهية والعملية وأعني تحديداً خيار الجهاد للحكومات المرتدة في بلادنا.. من يخالف إن كان خلافه مبنياً على نظر واستدلال وبحث عن الحق وبذل لجهد في الوصول إلى الحق، ملتزماً التقوى والعمل الصالح ومولاة الإسلام وأهله، وصاحبه معروف بالخير والصلاح وأنه متى ما ظهر له الحق عمل به وتمسك به.. فإن المخالف لنا هو أخونا وحبيبنا ووليّنا مهما اختلفنا.. وإنما نتخذه عدوّاً وبغيضاً ونتبرأ منه إذا دفعهُ خلافنا إلى أن يكون مع عدونا علينا، فينضمّ إلى صف الكفار ويناصرهم ويواليهم، ويحارب المجاهدين المؤمنين”.
في شأن المنتديات على الإنترنت والمشاركة فيها
“لكن على الأخ المسلم أن يحذر من مفسدات هذا العمل ويتوقى ما في هذه المطالعات من ضرر وخطر، كأن تتحول هذه المطالعات إلى مجرد ترف وقضاء متعة مجردة، ويلتهي بها الإنسان عن العمل الواجب على الأرض في واقعه ومحله ودائرته. وكالجدال والمراء الباطل، أو كثرته مطلقاً، وكالابتلاء بسيئ الأخلاق من خلال معاشرة زملاء في هذه المنتديات ليسوا على السوية في الأدب والأخلاق فيُجاريهم الجديد والجاهل الضعيف ويتلقّن منهم سوء الأدب وفساد الأخلاق.. والحاصل أن هذه المنتديات فيها خير كثير، بإزائه شر كثير أيضاً… ومن أسباب التوفيق والهداية: الأدب وحسن الخلُق والحياء والتواضع ومعرفة الإنسان بقدر نفسه، وإتيان الأمور من أبوابها وتقوى الله تعالى والصدق والإخلاص، والافتقار إلى الله عز وجل وكثرة الدعاء والتوكل عليه عز وجل… لا بد من الحذر والاحتياط، يحتاط الإنسان لعرضه ويحتاط لدينه، فلا يهجم على الناس بكلام غير لائق، ولا يسارع في الحكم على أحد، ولا يسب ولا شتم ولا يسفه، ولا يغلظ الكلام، بل يكون دائماً متأدباً مع جميع الناس المستورين، مع التسلح بقوة الحق والحجة والبرهان، وليفترض في معظم من يخاطبهم ويحاورهم أنهم قد يكونون خيراً منه وأكبر منه وأعرف منه، فإذا التزم بذلك رجَونا له التوفيق والبركة”.
في الشيوخ الذين لا يكفرون بعض حكّام هذا الزمان
“من عرفنا من هؤلاء العلماء والمشايخ أنه مجتهد مريد للحق مُتَحَرٍّ للخير والصواب، وأن ظننا متى ما ظهر له الحق وبان دليله أخذ به وتمسك، وأن هذا هو ما أداه إليه اجتهاده ونظره، مع بذله وسعه -بحسب ما يظهر لنا من حاله ونعرف من سيرته- في معرفة الحق، فإننا نعذره ولا نكفره، وإنما نحكم على قوله وفعله بما يستحقه من وصف البطلان والضلال، لكن لا نكفره، بل ولا نفسقه بمجرد اجتهاده هذا، بل نعتقد أنه خطأ كسائر أخطاء المجتهدين”.
ما وقع من الشيخين ابن باز وابن عثيمين -وغيرهم من أهل العلم- من مخالفة لأهل الجهاد
“ما وقع من هؤلاء الشيوخ جارٍ على أصولهم، لكنه عندنا خطأ، لأنه انبنى على خطأ وباطل، فأصل الخلاف هو في تكفير هؤلاء الحكّام والحكم عليهم بالردة، فلما اختلفنا نحن وهم في ذلك كان من الطبيعي أن تختلف بناءاتنا على ذلك الخلاف! فأصول العلم والفقه وأدلته تقتضي علينا بأنا لا نكفّر هؤلاء الشيوخ، ماداموا صادرين عن اجتهاد خالفونا فيه، وما دامت مسألة تكفير أولئك الحكّام مسألة اجتهادية وليست من ضروريات الدين المجمع عليها التي يكفر مخالفها، بل نُخطّئ الفعل، ونعطيه درجته في الخطأ، لكن لا يجوز تكفير صاحبه بمجرد ذلك.. فهناك من خالفنا في تكفير الحكّام بناءً على خلافه معنا في أصل الحكم في المسألة نظرياً (علمياً) كما في حالة الشيخ ابن باز الذي يرى الحكم بغير ما أنزل الله من الدساتير والقوانين الوضعية معصية غير كفر! وهناك من وافقنا في الأصل النظري للمسألة (تكفير أمثال هؤلاء الحكّام الحاكمين بالقوانين الوضعية) ولكن يخالفنا في إنزال الحكم عليهم بدعوى الشروط والموانع.. الخ، وفي بعض الحالات القليلة هناك من يخالفنا بناء على دعواه عدم ثبوت الفعل المكفر على الحاكم، كما يقوله البعض في حكّام الجزيرة… فإذا كان قد بان لنا واتضح جداً بالبرهان كفر حاكم معيّن صدعنا به وبيّناه للناس، فهذا حق وعدل وفضل، ولكن ما بالنا بمن لم يكفّره من أهل العلم نريد أن نكفرهم كذلك؟ ما أصعب هذا الموقف وأخطره”.
الموقف من الشيخين ابن باز وابن عثيمين
“الذي اعتقده أنهما من العلماء الذين نفع الله بهم كثيراً وأجرى على أيديهما خيراً كثيراً من نصر السنة والدعوة إلى التوحيد وتصحيح العقائد على الجملة، ونشر العلم النافع المبني على الكتاب والسنة، ومحاربة البدع، ونصر قضايا المسلمين على الجملة أيضاً، وغير ذلك كثير من الخير.
ولكن كان لهما -غفر الله لهما- بإزاء ذلك أخطاء كبيرة وزلات أوجبت فتنة للناس وحصل بسببهما خلل كبير وفساد عريض، وكان ذلك على الخصوص فيما يتعلق بمسألة الوقت وهي: مسألة الحكام المرتدين الحاكمين بغير ما أنزل الله والمرتكبين لنواقض الإسلام المتعددة، فكان الكثير من فتاواهما وآرائهما ومواقفهما في هذه المسألة العظيمة غير مرضيّة، بل باطلة وسيئة للغاية في بعض الأحيان، والكلام في هذا يطول، وهذا من جملة الفتنة التي يبتلي الله بها عباده، فالمفلح الناجح الفائز من يحقق الحق ويتحرى الصواب ويتبع الدليل والبرهان، ويترك الخطأ ويعلم أن هؤلاء العلماء هم بشر يخطئون ويصيبون وأن الله ابتلانا بأخطائهم لينظر مَن يبحث ويتّبع الحق والدليل، ومن يتعصب لهم ويغالي فيهم ويحتج بحجة الأقوام الهالكين: إنا وجدنا آباءنا وشيوخنا وكبراءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون..!”.
المخالف لنا من العلماء الفضلاء والدعاة في بعض المسائل في التكفير والجهاد
“ثم المخالفون لا نتعدى عليهم، ولا نظلمهم، بل ننصفهم ونعاملهم بالقسط الذي أمر الله عز وجل به ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾ فلا نعتدي ولا نتجاوز الحد في الحكم على أحد ولا نسيء الأدب ولا نرد الحق ممن كان ولو جزءاً صغيراً من الحق، بل نُقِرُّ بالحق ونقبله ممن كان، ونردّ الخطأ والباطل مهما كان وممن كان، ونحن في كل ذلك ملتزمون بالأدب متحلّون بالسكينة والوقار. فلا تنافي بين أن نكون متمسكين بالحق وصادعين به وبين أن نحترم المخالف ونتأدب معه، ولا سيما إن كان المخالف لنا من العلماء الذين لهم فضل وسبق وحسن بلاء في الإسلام ولهم فضائل وخير كثير، ولا سيما إن كانوا مع ذلك كباراً في السن شيوخاً شابوا في الإسلام والعلم والدعوة إلى الله”.
من يقلد بعض العلماء في عدم تكفير بعض أعيان الحكّام وكيفية التعامل معه
“التمسك بما عليه العلماء هو في الجملة خير وحق بالنسبة للعوام المقلدين، لكن عليك أن توضّح له أن الواجب هو البحث عن الحق، لأن العلماء ما أكثر اختلافهم! وطريقه إلى ذلك مادام ليس من طلبة العلم القادرين على النظر والترجيح أن يسأل العلماء الموثوقين المأتمنين على الدين أهل التقوى والورع الصادعين بالحق أهل الشجاعة والقيام بأمر الله لا يخافون في الله لومة لائم، والمعروفين بالتمكن في العلم والقوة فيه.. هذا هو سبيله فإذا فعل فقد أدّى ما عليه وأحسن، وما على المحسنين من سبيل، والله غفور رحيم”.
قاعدة من لم يكفّر الكافر فهو كافر
“المقصود بذلك هو الكافر المقطوع بكفره المجمع عليه كالكافر الأصلي أو المرتد المصرح بانتقاله من دين الإسلام وما في قوته”.
مخالفة العالم في مسألة من مسائل التكفير مع التزامه التام بمذهب أهل السنة لا تصيّره مرجئاً
“ومَن كان منهم لا يكفر أولئك الحكّام أو بعضهم من جهة أخرى كالاعتقاد بأن الحكم بالقوانين الوضعية كفر دون كفر أو نحو ذلك مع التزامه في الجملة بمذهب أهل السنة والجماعة في العقائد في سائر الأبواب فهو مخطئ لكن لا نقول إنه مرجئ”.
الكلام حول القرضاوي وتكفيره والاختلاف فيه
“ولكن من الأحسن أن يُترك أمر الحكم عليه للعلماء الكبار، أو لجهة علمية أو دينية أو مجلس علمي له قوة إلزام مثلاً ونكتفي نحن بالتحذير من ضلاله وفتنته وانحرافاته، وبيان أنه لا يجوز استفتاؤه ولا أخذ الدين عنه! ولا ينبغي لشبابنا أن يختلفوا في تكفير فلان أو فلان من أمثال هذا الرجل، وتختلف قلوبهم ويحصل بينهم التدابر والمشاحنة من أجلهم، وليسوا مضطرين للحكم عليهم أصلاً، ويكفي للمسلم أن يعرف الحكم على الأعمال فيعرف الحق وينصره ويدعو إليه، ويعرف الباطل ويجتنبه ويحذر منه، بحسب وسعه، ثم الأشخاص لا يلزمه تتبع الناس والحكم على كل أحدٍ والانشغال بذلك إلى الحد الذي نراه في بعض الأوساط والساحات، لأن الحكم على الشخص يتطلب إثباتات غير الحكم على الأفعال المجردة، ولاسيما الشخص حي يتكلم بالإسلام والتوحيد ويمارس سائر أعمال المسلمين وينفي عن نفسه تهمة الكفر ويتبرأ منها ويدعي تأويلات معينة للمآخذ عليه.. والحكم على الأشخاص ألصق بباب القضاء، كما أن الحكم على الأعمال ألصق بالفتوى.. وإنما يلزم الإنسان معرفة حال من هو مضطر لمعاملتهم معاملة من يشترط لها الدين.
فما يضرك أيها الشاب المسلم المجاهد إن سُئلت عن القرضاوي وأشباهه أن تقول: لا أعرف حالهم جيداً، ولا يلزمني أن أحكم عليهم واسألوا العلماء! هذا هو الأحوط لدينك والأسلم لك في آخرتك!”.
هل يصح وصف أمثال هؤلاء العلماء الموالين للحكام الكفرة المنافحين عنهم بالنفاق؟
وأما مَن عرفناه منهم (العلماء والمشايخ) بخلاف ذلك؛ لا يبحث عن الحق ولا يتحرّى الصواب، وأنه قد قامت عليه الحجة في استبانة حال هؤلاء الحكام المرتدين، ولكنه يتبع هواه ويعمل لدنياه، ولا يبالي بدينه، فهذا نحكم عليه إما بالكفر وإما بالفسوق، بحسب ما ارتكبه من أفعالٍ، وبحسب درجة وضوح كفر ذلك الحاكم الذي هو ملابسٌ له، ويجوز الحكم عليه بالنفاق بلا شكٍ، فإن الحكم بالنفاق يقع بأسهل وأقل من هذا بكثير.!
وصف من ظهرت منه بعضُ علامات النفاق بالمنافق، ومنه مَن ترددنا في الحكم بكفره
والقسمان الأخيران (الفاسق والكافر) يجوز إطلاق لفظ النفاق عليهما، فإن لفظ النفاق أوسع من الكفر وأسهل، لما تقرر مِن أنَّ مَن ظهرت عليه بعض صفات المنافقين، فضلاً عمّا هو كفرٌ، جازَ إطلاق لفظ النفاق عليه، وأحيانا يكون هذا هو المناسب هروباً من الجزم في موضع الإشكال والتردد، وهذا من الفقه المهم، فليتنبّه له.
وأدلة ذلك كثيرة معروفة، فإن آيات المنافق (أي علاماته) قد بيّنها لنا النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث النبوية الصحيحة المعروفة، وبيَن القرآن الكريم صفاتِ المنافقين تبيينا كاملاً ما ترك شيئاً منها إلا كشفه، ولا سيما في سورة التوبة المقشقشة البَحوث الفاضحة، فمَن ظهرت عليه تلك العلامات بوضوح وجلاء أو كثرتْ واجتمع، فأطلق عليه أحدٌ وصف النفاق غِيرةً على الدين وحميةً له، فقد أصاب.
وقد وقع من الصحابة رضي الله عنهم وصف مَن ظهرت عليه بعض علامات النفاق أو رأوا -مجتهدين- أنه قد نافقَ، بأنه منافق، في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهده.
منها قول عمر لحاطبٍ: دعني يا رسول الله أضرب عنقه فإنه منافق. ومنها قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة ولكنك منافق تجادل عن المنافقين. ومنها قول معاذ بن جبل عن الرجل الذي خرج من صلاته معه إنه منافق وغيرها كثير.
وهذه الأحاديث فيها فائدتان:
الفائدة الأولى: أن قائلي ذلك في كل هذه الأمثلة كانوا مخطئين، لكنهم عُذِروا للتأوّل والاجتهاد، ولأن دافعهم كان هو الغيرة على الدين والحمية له.
“وقال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن ذكر حديث (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض) وحديث (إذا قال المسلم لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما) قال: (وهذه الأحاديث كلها في الصحاح، وإذا كان المسلم متأولاً في القتال أو التكفير لم يكفر بذلك، كما قال عمر بن الخطاب لحاطب بن أبي بلتعة: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، ولم يكفّر النبي صلى الله عليه وسلم لا هذا ولا هذا، بل شهد للجميع بالجنة..)اهـ مجموع الفتاوى (3/284)
وقال ابن القيم رحمه الله، في زاد المعاد (فصل في الإشارة إلى ما في فتح مكة من الفقه): (وفيها أن الرجل إذا نسب المسلم إلى النفاق والكفر متأولاً وغضباً لله ورسوله ودينه لا لهواه وحظه، فإنه لا يكفر بذلك، بل لا يأثم به، بل يثاب على نيته وقصده، وهذا بخلاف أهل الأهواء والبدع، فإنهم يُكفرون ويبدعون لمخالفة أهوائهم وبدعهم ونحلهم، وهم أولى بذلك ممن كفروه وبدعوه) أهـ (3/423)
وقال الحافظ في الفتح في كتاب الصلاة (1/523) في فوائد الحديث الذي فيه قول القائل عن مالك بن الدخشن إنه منافق يجادل عن المنافقين: (وان من نسب من يظهر الإسلام إلى النفاق ونحوه بقرينة تقوم عنده، لا يكفر بذلك ولا يفسق بل يعذر بالتأويل)”.اهـ مستفاد من الثلاثينية للشيخ أبي محمد المقدسي فرج الله عنه.
الفائدة الثانية: أن إطلاق النفاق أخف وأولى في مثل هذه الحالات من إطلاق الكفر.
وهذا لعله واضح من كثرة أمثلته بخلاف لفظ الكفر، فإنه قليل، وقد ورد في بعض روايات قصة حاطب رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه قال: “…فقد كفر”، لكن الأكثر في روايات هذا الحديث هو إطلاق النفاق، ولعله هو المحفوظ والله أعلم.
ولأن لفظ النفاق أوسع، فإنه يصدق على النفاق الأصغر (وقد يسمى العمليّ) ويصدق على النفاق الأكبر وهو نفاق الاعتقاد، الذي هو إظهار الإسلام وإبطان الكفر، والعياذ بالله.
النصيحة لأنصار التيار الجهادي
“والنصيحة أن يجتهد كل منهم في تكميل نفسه بالعلم النافع والعمل الصالح، ومن ذلك محاسن الأخلاق والفضائل، وأن يجعلوا الاهتمام بأنفسهم وتكميلها وصيانتها عن المعايب أهم أعمالهم وأولى أولوية لهم، ويكون ما عداها راجعاً إليها، فإذا احتجنا في بعض الوقت إلى أن ننشغل ببعض الناس فإنما يكون ذلك على وجه القيام بما أمر الله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصر الدين”.
كيفية التعامل مع أخطاء المجاهدين في حق أعدائهم
“الاعتراف بالخطأ حيث كان واضحاً جلياً، وبيان أنه خطأ لا نقره بل ننهى عنه ونعطيه درجته وحجمه اللائق، والاعتذار عن المسلم المرتكب له إن كان ثمّة عذر، ثم الانتقال من ذلك إلى الأهم وهو الهجوم على الكافرين أعداء الدين وبيان أنهم هم الظالمون المعتدون، وردّ عاديتهم ببيان فسادهم الكبير وآثامهم العظيمة، والتنكيل بهم بإبراز أفعالهم القبيحة الشنيعة حقاً، وأن أخطاء المسلمين بالقياس إلى خطاياهم هم لا تساوي شيئاً”.
ما حصل من تفجيرات في السعودية وأثرها
“كون تلك التفجيرات والمصادمات التي حدثت في السعودية على الخصوص قد حملت بعضاً (كثيراً أو قليلاً!) من المتعاطفين مع القاعدة على عدم تأييدها ونشأت عنها بعض المفاسد فهذا أظنه صحيحاً، وإنا لنأبى أن نكابر في الحق!”.
التحالف مع الحركات العلمانية المرتدة
“الأصل عدم جواز التحالف مع الحركات العلمانية المرتدة، ولا يحلّ ذلك إلا لضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وبضوابطها”.
سبي نساء الكفار مثل اليهوديات في فلسطين والنصرانيات في لبنان
“الذي نراه لحد الآن في مسألة السبي… هو المنع منها الآن وذلك احتياطاً للفروج، ولعدم إمكان انضباط هذا الأمر في حالنا وظروفنا الراهنة، والمجاهدون يخوضون حرب عصابات، كرٍ وفرٍ، ولا يملكون داراً يأوون إليها ويحرزون ما سبوه، ولتأديته إلى مفاسد محققة لو فتح هذا الباب في مثل ظروفنا المشار إليها.. مع أن الأصل المعلوم هو جواز سبي نساء الكفار وذراريهم أعني الكفار الأصليين كاليهود والنصارى الحربيين”.
تكفير جميع المسلمين في البلاد الإسلامية هو مذهب الخوارج
“الذي يكفر جميع المسلمين الذين ينتمون إلى البلاد الإسلامية ويعيشون تحت سلطان الدول المرتدة في بلداننا، الذي يفعل ذلك ضال منحرف انحرافاً عظيماً وهذا هو بالضبط طريق الخوارج الذين تكلمنا عنهم في جواب سابق”.
رفع المسلم الذي يعيش في بلاد الكفر قضية أمام محاكم تلك الدول التي لا تلتزم شرع الله ليأخذ حقه المغصوب
“من العلماء من منع بالكلية وأمر بالصبر، وذلك خشية اندراج هذه الصورة في التحاكم إلى الطاغوت المنهي عنه والمعدود في ديننا كفراً، ومن العلماء من رخص فيها للضرورة لأن الناس محتاجون إلى المحافظة على أموالهم وأملاكهم ورد المغصوب منها والمسروق فلو منعناهم من ذلك لحصل ضرر عام كبير لا يطيقه العامة… ومن العلماء من لم يرَ ذلك من التحاكم أصلاً، وإن سماه من سماه تحاكماً، فإن تسمية الناس لا اعتبار لها إنما العبرة بالحقائق والمعاني التي علق الشارع بها الحكم وبتسمية الشارع حيث تحققت، قالوا وهذه الصورة ليست تحاكماً بل هي شكوى إلى السلطان الكافر واستعانة به ليأخذ الحق من الظالم ويؤديه للمظلوم… فإذا تقرر ذلك فإن شرطها: أن يكون الحق المطلوب تحصيله معلوماً كونه حقاً للشخص المسلم المظلوم الشاكي، ومرجوّ أن تلك الجهة الطاغوتية ستعطيه إياه (ترده إليه) بعد إجراء ما يلزم من التحقيق والإثباتات، فيأخذ حقه ولا يزيد عليه بأخذ ما يشك فيه أو يجهله… وهذا القول الأخير قوي ومتجه جداً!”.
الدعوات المتكررة لبيعة فلانٍ أو فلانٍ من أمراء الجهاد
“لا داعي لهذه الدعوات التي يطرحها بعض الإخوة أحياناً في المنتديات لبيعة فلان أو فلان، وقد يقال أنه لا فائدة فيها، ثم إن في ذلك نوع امتهان لهذه البيعات الشريفة!
وفي هذا التصرف إيحاء بأن القائمين به غير عارفين بقيمة هذه البيعات وثقل هذه العهود وعظم أمانتها، فيستسهلون هذه الأمور ويظلون يبايعون ويعلون البيعة لفلان ولفلان، ولا يقدرون قيمة هذا الإلزام… فينبغي أن يُعرف أن البيعة أمرٌ شرعي له حرمته وقدره، وهو أمانة وإلزام شديد، فلا يمتهن ولا يستهان به”.
خطأ الشيخ عبدالقادر بن عبدالعزيز في تقريره أن تكفير جند الطاغوت من مسائل الإجماع القطعي
“وأشرتُ إلى أن هذا من الأخطاء التي وقع فيها الشيخ عبد القادر عفا الله عنه، حيث جعل الجميع في مرتبة واحدة على ما فهم من كلامه، ورتب عليه أن كل من كان في جيوشهم كافرٌ، وليته اكتفى بذلك، بل زاد عليه دعوى أن كفرهم قطعي يقيني معلوم من الدين بالضرورة، ككفر أتباع مسيلمة الكذاب الذين أجمع الصحابة على تكفيرهم وردتهم، ورتّب عليه تكفير من لم يكفرهم!! فأخطأ سامحه الله وشذّ، وحصل بسبب ذلك فتنة كبيرة لا يعلمها إلا الله، لا سيما مع التعصب عند البعض والتهيؤ للتشدد عند آخرين”.
المناط الصحيح في تكفير جند الدول الكافرة المرتدة
“الواجب إناطة الحكم بنصرة الطاغوت الكافر ونصرة الدولة المرتدة ونصرة الكفار على المسلمين، فهذا لا شك أنه كفر، فمن وقع فيه فهو كافر، وهذا يختلف تبيّنه ومعرفتنا به باختلاف الأحوال من حال العافية إلى حال الحرب والقتال، ويختلف باختلاف وضوح كفر الحاكم والدولة أو خفائه وغير ذلك، فجندي في جيش دولة عمان الآن مثلاً، وهم في حال سلم وعافية ليس كجندي يخدم في جيش الجزائر ويشارك في عمليات التمشيط بحثاً عن المجاهدين هناك فهذا الأخير كافر عندنا بخلاف الأول”.
هل يُقتل كل كافر؟!
“والكافر المستحق للقتل، حيث ثبت عندنا كفره واستحقاقه للقتل، يبقى بعد ذلك النظر هل نقتله أو لا من باب السياسة الشرعية، وهو نظر عماده مراعاة ميزان المصالح والمفاسد، فباختصار نقول: الآن في البلاد التي ليس فيها جهاد معلن نأمر الشباب بأن لا يُحدِثوا أمراً إلا عن مشورة لأولي الأمر إن أمكن، وإلا أن يكون مندرجاً في خطة المجاهدين العامة، ويكون بعد استفراغهم وسعهم في النظر في الموازنة بين مصالحه ومفاسده، مع سائر الضوابط الشرعية”.
تربية شباب الحركة الجهادية
“الواجب هو تربية شبابنا ونشئنا على سعة الأفق وتحقيق الحق والعدل والإنصاف والتدقيق والورع والاحتياط، ونبذ العجلة والتسرع المذموم، ومعرفة كل إنسان بقدره، وتربيتهم على أدب العلم وأدب الخلاف وفقهه، فإننا في زمن فوضى وتقصير من العلماء على الجملة، فإذا مَنَّ الله علينا برجل مسدد موفق مجاهد شجاع فإن كمال التوفيق والسداد أن يكون متزناً معتدلاً مربياً الناس ربانياً… والحاصل أن النصيحة لشبابنا ألا يستعجلوا في الجزم في سائر المسائل التي وقع فيها النزاع واختلفت فيها الاجتهادات، وأن يلازموا التثبت والبحث، ويستعملوا الاحتياط في الدين بأن يتشبثوا برؤوس المسائل المقررة المتفق عليها، ويذروا ما كان غير ناضج وغير متقرر بعد، وما كان غريباً، وفيه مجال للنظر، يذروه لأهل العلم يحررونه وينضجونه، ويكتفوا هُم (الشباب) بالمعلوم المتقرر… ومن لم يقدر على طلب العلم والبحث، فليعرف قدر نفسه ودرجته، وليكثر من سؤال أهل العلم”.
عبارة (لا يُفتي قاعد لمجاهد)
“ليست على إطلاقها، وإنما مراد القائل لها: أن المفتي يجب أن يكون عارفاً بواقع ما يفتي فيه، ومن يفتي لهم، فمن لم يكن عارفاً بالجهاد مجرباً له أو كالمجرب له بقربه منه ومن أهله وبمتابعته لشؤونه وحسن العلاقة به، فلا يستطيع أن يفتي في أمور الجهاد، وإذا فعل فسيخطئ كثيراً ولن يوثق به، ولهذا قال شيخ الإسلام: والواجب أن يعتبر في أمور الجهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه أهل الدنيا، دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين، فلا يؤخذ برأيهم ولا برأي أهل الدين الذين لا خبرة لهم في الدنيا. اهـ.
وقد يقصد بعض الناس بالعبارة المذكورة أن يقولوا إن القاعد عن الجهاد قعوداً غير معذور فيه كالمتخلفين القاعدين عن الجهاد الواجب المتعين عليهم، وكالمثبطين عن الجهاد والمرجفين والمخذلين من أهل الدعة والقعود، والراحة وحب السلامة، ومن المنافقين العليمي اللسان وأشباههم لا يفتون للمجاهد في سبيل الله، ولا يُسمع لهم قول في مسائل الجهاد، وهذا حق بلا شك!”.
كيف نتعامل مع علماء السوء
“وأحسن ما ننصح به الشاب من شبابنا هو: دعهم وشأنهم ولا تشتغل بهم، ولا يضرونك، وامضِ في أمرك وانفذ على رسلك ولا تلتفت، ولا تظلمهم أيضاً ولا تعتدي عليهم فـ (إنه لا يفلح الظالمون) فقد يكون في الإنسان خير وشر، والمسلم لا يعدم خيراً، وقد يجتمع فيه إيمان وفسق، فلا تتجاوز الحد في الحكم على أحد، ولا تقتحم ما لا تعرفه ولا تحسنه ولا تقدر على الخوض فيه، بل دعه للعلماء والمشايخ المجاهدين الذين تثق فيهم وقل: لا أدري”.
قواعد هامة
“ينبغي قطع الطمع عن الوصول إلى اليقين في كل مسألة، أعني مسائل الخلاف والاجتهاد، فإن الكثير من مسائل الدين (بل أكثرها) مبني على غلبة الظن، وعلى الاجتهاد، وسبيل المعرفة به الاستدلال، فمن يحاول -في كل مسألة أو أكثر المسائل- الوصول إلى قطع ويقين، أو يتوهم أنه يمكنه أن يستولي على علم كل الدقائق، ولا يكون عنده مجال لأي تردد، فهو مخطئ وسيتعب كثيراً.. وأخطر ما في الأمر أنه يخشى عليه الفتنة والضلال…
وجوب التفريق بين المسائل وإنزال كل مسألة منزلتها بالقسط وإعطائها درجتها من حيث قوة الحكم وثبوته، ووضوحه، وفي كل ما ينبني على ذلك…
إن كثيراً من المسائل التي يكثر سؤال إخواننا عنها ومنها مسائل التكفير وغيرها، ترجع في إصدار الحكم فيها إلى نظر الحاكم فيها مفتياً كان أو قاضياً”.
نحن دعاة إلى الله
“ثم اعلموا إخواني أننا نحن أنصار الجهاد ينبغي أن نكون دعاة إلى الله تعالى في المقام الأول، فالجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام غايته الكبرى الدعوة إلى الله، ولهذه الغاية الأساسية التي يمكن إرجاع جلّ المقاصد الأخرى إليها شـُرِعَ الجهاد، وهكذا فَهِمه الصحابة رضوان الله عليهم… فنحن دعاة هدىً ودعاة خير ورحمة وإحسان وعدل وسلام حقاً!
ولأننا دعاة إلى الله، فإن أول مراتب الدعوة هي الدعوة بالحال والقدوة وحسن معاملة الخَلْق والتحلي بمحاسن الأخلاق والفضائل والآداب.
وليعلم كل واحد منّا أنه يمثل الإسلام ويمثل المجاهدين والجهاد في كل منتدى وناد، فإن الناس ينظرون إلى الدين وإلى الجهاد والمجاهدين من خلالنا ومن خلال أخلاقنا ومعاملتنا، وليس شيء أكثر تأثيراً في الناس من حسن الخُلُق والأدب وحُسن المعاملة.
وإن الحق الذي مع الإنسان كثيراً ما يشينه ويلغي تأثيره سوء الخلق وقلة الأدب!
أيها الإخوة الأحباب إنه لا تعارض بين صدعنا بالحق وأخذنا بالعزائم ومعالي الأمور وبين التواضع لله والذلة للمؤمنين والرد على المخالف وبيان خطأ المخطئ.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وآله وصحبه.
انتهت المقتطفات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قول دستور عند الاستئذان

الضفدع و نار إبراهيم